- الى جانب إشكالية وجود الغير يثير مفهوم الغير إشكالية أخرى تتمثل في معرفة الغير.فهل معرفة الغير ممكنة أم غير ممكنة ؟ وإذا أمكننا أن نعرف الغير فهل نعرفه كذات واعية مقابلة لذاتي أم كموضوع خارجي منفصل عني ؟أم كمجرد مقولة وجودية؟=> يعتبر الفيلسوف الوجودي "جون بول سارتر" أن معرفة الغير غير ممكنة ذلك لأنه الأنا الذي ليس أنا.ومن ثم فهو يتغاير ويختلف معي .وهكذا فإنني حينما أدركه فأنا أدركه كموضوع خارجي انه مجرد معطى امبريقي فهو الجسد الذي لا يشبه جسدي ومن ثم تفصلنا عنه مسافة انطولوجية إن الغير إذن حسب سارتر تجمعني معه علاقة نفي و لَيْسٍ وعَدَمْ وإِسْتِحَالَة فهو وان كان يتبدى لي كصورة ذهنية فان معرفته تظل مع ذلك غير ممكنة .ٍ => في ذات السياق بنا ’ميرلوبونتي’تصوره حين اعتبر أن إدراك الغير غير ممكن لأنه يتبدى للأنا كسلوك وتجربة داخلية فهو يحضر أمام الأنا كوضعية شعورية ونفسية مستحضرة أو كوضعية معيشة في كلتا الحالتين فالغير لا يعني الأنا ومن ثم فتجربته مختلفة عن تجربة الأنا وعليه فمعرفته غير ممكنة وان كنا نخلق وضعية غير مشتركة نتواصل من خلالها.=> أما ’مالبرانش’ فقد أسس تصوره حول هذه الإشكالية من اعتبار أن معرفة الغير غير ممكنة بحيث أن هذا الغير يتبدى للانا كوعي وكإحساس وهكذا فوعي الأنا مختلف عن وعي الآخر وإحساسه مختلف عن إحساس الآخر فليست هناك ميولات مشتركة بين الناس لأنه ما هو خير بالنسبة لي هو شر بالنسبة للآخر.وما هو لذة بالنسبة لي ألم بالنسبة للآخر. إذن وتبعا لهذا فمعرفة الغير غير ممكنة الشخض بوصفه قيمة: وجود الغير: معرفة الغير: العلاقة بالغير: - تعتبر إشكالية العلاقة بالغير صلب إشكالية مفهوم الغير,إذ في هذا الإطار تواجهنا جملة من التساؤلات والاستفهامات من قبيل.كيف تتحدد علاقة الأنا بالآخر؟ هل هي علاقة تشابه وتطابق؟ أم هي علاقة تباين واختلاف وتغاير؟ وبالتالي إذا كان الغير هو الذات الواعية المقابلة لذاتي أي الأنا الذي ليس أنا.فكيف تتحدد علاقتي به؟لقد شكلت هذه التساؤلات بؤرة إشكالية توزعت إزاءها التصورات الفلسفية المختلفة. => ونجد الفيلسوف "مارتن هيدجر" ينخرط ضمن النقاش المتعلق بإشكالية العلاقة بالغيرالتي هي تتجاوز مستوى التحاور الانطولوجي الى مستوى الالتقاء والاشتراك في بناء التجربة الوجودية الانسانية الحيوية المشتركة وهكذا نجد "هيدجر" ان الانا يوجد في الوجود هنا أي يوجد في العالم وهو وجود يتحدد من خلال الوجود مع والوجود من اجل فالوجود مع هو اشتراك الأنا مع باقي الموجودات في الوجود إما الوجود من اجل فهو اشتراك الأنا مع الغير أي مع الذوات العاقلة الأخرى في الوجود وانطلاقا من هذا الوجود يسعى الأنا إلى أن يؤسس علاقة التقاء واشتراك مع الغير وهي علاقة تروم تجربة إنسانية وجودية حيوية مشتركة.ويرى بأن علاقة الأنا بالغير هي علاقة التقاء واشتراك,وبالتالي فهي تتجاوز كونها مجرد علاقة تحاور وجودي => وتساهم المفكرة الفرنسية "كريستفا" في هذا النقاش بحيث تتناوله من زاوية أخرى هي زاوية الغرابة فنحن غالبا ما نعتقد أن الآخر مختلف عني والمتباين لهويتي والمتغاير معي من حيث اللون والعرق والدين واللغة ان هذا الآخر البعيد هو الغريب الذي يهدد كياني وما علي إلا أن ادخل معه في علاقة صراع ومواجهة . وتعتبر الغير الذي ينظر إليه كغريب هو ليس كذلك في الواقع بل نحن نكون عنه فكرة غريبة تسكننا على نحو غريب ذلك انه اذا انفتحنا على الآخر فسوف نكتشف انه ذات واعية تشبهنا ويمكن أن نتواصل معها ونأسس علاقة ايجابية أساسها التسامح والانفتاح والحوار والتواصل علاقة تمكننا من بناء تجربة إنسانية مشتركة.=> وينضم "ميرلوبونتي" إلى السجال الدائر حول إشكالية العلاقة بالغير بحيث يرى أن العلاقة بين الأنا والآخر يمكن أن تكون ايجابية قائمة على الانفتاح والتعارف والتواصل وذلك فقط حينما تكف الذوات صمتها وتخرج عن عطالتها لهذا يمكن للانا أن ينفتح على الآخر ليتعرف عليه ويؤسس معه علاقة ايجابية يمكن أن تتحول إلى علاقة تعايش وتطابق وتماهي . II- مجزوءة المعرفة 【♦ مجزوءة المعرفة : النظرية و التجريب ♦】 التجربة والتجريب: - إن الحديث عن النظرية داخل الممارسة العلمية يقتضي منا الوقوف عند عدة تساؤلات ذات طبيعة ابستيمولوجية ومن بين هذه التساؤلات يستوقفنا سؤال الفرق أو ما هو الفرق بين مفهومي التجربة والتجريب؟=> يعتبر الفيلسوف الفرنسي "ألكساندر كويري" ان التجربة تعبير عن نوع من الحس التجريبي ولو اعتبرت السمة الاساسية للعلم الكلاسيكي فهي مع ذلك تظل تشكل معطا غامضا اذ ان التجربة بمعنى العام الملاحظة العامية فهي لم تشكل سوى عائق ابستيمولوجي يحول دون تقدم المعرفة العلمية في حين يشكل التجريب نوعا من المساءلة المنهجية للطبيعة فهو إذن نقطة تقاطع بين ما هو امبريقي تجريبي و ما هو رياضي عقلي ان التجريب اذن يمكننا من انشاء فكرة واضحة حول الواقع اعتمادا على استبدالات علمية رياضية. لعل ما اصبح يميز الممارسة العلمية المعاصرة هو هذا التوجه نحو ما هو عملي و هو توجه يفترض اعتماد التجريب كمنطلق لفهم الواقع بناءا على مقدمات رياضية.=> في ذات السياق ينظم الرياضي الفرنسي المعاصر " رونيه توم" الى النقاش الابستيمولوجي الدائر حول اشكالية التجربة والتجريب داخل النظرية العلمية . بحيث يميز بين التجربة والتجريب. فإذا كانت التجربة في العلم الكلاسيكي تعني التكرار فإن التجريب يعني بناء التجربة وفق ادوات وشروط علمية دقيقة يلخصها في الشروط التالية :1 عزل الظاهرة ويقتضي بذلك مختبرا علميا مجهزا . 2 اعتماد وسائل علمية تجريبة. 3 احداث تأثيرات طاقية او كيميائية على الظاهرة المدروسة بهدف رصد ردود فعلها. 4 تسجيل مجمل التغيرات التي تظهر على الظاهرة المدروسة. بالإعتماد على هذه الخطوات يتسنى للعالم الانتقال من التجربة بمعناها الكلاسيكي الى التجربة بمعناها المعاصر أي الانتقال الى التجريب الذي يخول للعالم بناء النظرية العلمية.=> في ذات السياق يعدد الفيزيولوجي الفرنسي "كلود برنار" التجربة بإعتبارها خطوة تتحقق من خلالها الفكرة او الإفتراض القبلي الذي يبنيه العالم حول ظاهرة ما وفي هذا الاطار ميز الفيلسوف داخل المنهج التجريبي بين الخطوات التالية : 1 الملاحظة وداخل الملاحظة يمكن ان نميز بين الملاحظة العامية والملاحظة العلمية. 2 الفرضية وهي الفكرة التي يكونها العالم حول ظاهرة ما وداخل الفرضية يمكن ان نميز بين الفرضية التخميمية والفرضية العلمية. 3 التجربة وهي المحك الذي نختبر من خلاله الفرضية . فإذا ثبت صدقها تحولت من فرضية تخميمية الى فرضية علمية . 4 استنتاج وصياغة القانون وهي الخطوة التي ينتمي اليها العالم من استخلاص النتائج العلمية وبناء القوانين النظرية .اعتبارا لهذا سنجد كلود برنارد يلخص هذه الخطوات في قوله ( ان الفكرة التي تبلورت من خلال الوقائع هي التي تمثل العلم . اما الفرضية التجريبية فليست سوى فكرة علمية متصورة . ان النظرية ليست شيئا عذا الفكرة العلمية المراقبة من طرف التجربة). العقلانية العلمية:
معايير علمية النظريات العلمية: 【♦ مجزوءة المعرفة : الحقيقة ♦】 - غالبا ما ينظر إلى الرأي كانطباع شخصي يكونه الفرد بناءا على ادراكاته الحسية المباشرة فالرأي اذن هو تعبير عن التجربة العامية المشتركة البعيدة عن التأطير النضري الدقيق ولهذا نجد العلماء يرفضون الرأي في حقل المعرفة وحقل الحقيقة العلمية.=> ينطلق "كانط" في تصوره حول اشكالية العلاقة بين الحقيقة والرأي من اعتبار ان الرأي ضروري لبناء المعرفة وبلوغ الحقيقة ، فالرأي في البدأ يكون اعتقادا انه مجرد انطباع شخصي يعبر عن قناعة ذاتية وفردية غير ان الرأي يكتسب طبيعة الحكم الكوني حيثما يتحول إلى رأي جماعي أي إلى اعتقاد تأمن به العقول بهذا يتحول إلى حكم يتسم بالكونية والضروة والموضوعية ، الشيء الذي يفضي بنا في اخر المطاف إلى اليقين والحقيقة . هكذا اذن يؤسس كانط تصوره للحقيقة التي تبتدأ بالرأي وتمر بالاعتقاد لتصل إلى اليقين .=> يبين الفيلسوف " ليبنز " تصوره لاشكالية العلاقة بين الحقيقة والرأي للدفاع عن مفهوم الرأي الذي يعتبره ضروري في بناء كل معرفة انسانية كانت تاريخية او اجتماعية او سياسية او حتي برهانية كما هو الامر بالنسبة للعلوم البرهانية التي يشكل فيها الاحتمال خاصية اساسية تبعا لهذا نجد ليبنز يربط بين الرأي والاحتمال وعليهفاذا كان الاحتمال ضروري في بناء المعرفة البرهانية فان الرأي ضروري في بناء المعرفة التاريخية والاجتماعية اذن فالرأي يشكل مدخلا نحو بلوغ اليقين والحقيقة .- نتستنتج مما سبق بأن الراي في علاقته بالحقيقة قد شكل بؤرة اشكالية توزعت بإيزاءها المواقف الفلسفية والعلمية فاذا كان الفلاسفة الكلاسيكيون يعتبرون ان الرأي ضروري لبناء المعرفة وبلوغ الحقيقة وهذا ما اشار اليه كل من كانط وليبنز . فإن الخطاب الابستيمولوجي العلمي المعاصر يقصي مفهوم الرأي ويعتبره مجرد عائق ابستيمولوجي يحول دون بناء المعرفة العلمية ودون بلوغ الحقيقة كما اشار الى ذلك غاستون باشلار. - ان الحديث عن الحقيقة يدعونا إلى الحديث عن معاييرها ، فما هي معايير الحقيقة والصدق واليقين؟ هل تكمن في مطابقتها للتجربة والواقع أم ترتبط بالبداهة و التمايز، أم تقترن بالأحكام المنطقية الصورية ؟=> إذا كان "ديكارت" يحدد الأفكار الدقيقة من خلال توفرها على خصائص البداهة ، الوضوح، التمايز والبساطة اذ يقول { لا نقبل إلا الافكار الواضحة والمتميزة } فان "ليبنز" يرفض معاير البداهة والتمايز في الافكار الحقيقية اذ يقول ان الفكرة الحقيقية هي تلك التي تخضع للبرهنة والاستدلال المنطقي . هكذا اذن فمعيار الصدق في الافكار هو بعدها المنطقي. => في ذات السياق ينخرط الفيلسوف الالماني " كانط " الذي يبحث عن معيار كوني للحقيقة فأين يكمن هذا المعيار الكوني هل في ماهو مادي ام في ماهو صوري ؟ يرى كانط بأنه من غير الممكن ان يوجد معيار مادى كوني للحقيقة لأن هذا الامر سيكون متناقدا في حد ذاته وذلك بالنظر الى الواقع المادي المتغير والمختلف بإستمرار ومن ثم يمكن ان يكون هذا المعيار الكوني للحقيقة الا معيارا صوريا . آن ذاك تكون الحقيقة الصورية في مطابقتها للمعرفة ذاتها بغض النظر عن الموضوعات وعن الاختلاف بينها فالحقيقة الصورية ليست شيئا آخر سوى المعيار المنطقي والكوني التي تقوم على المطابقة بين المعرفة وذاتها.=> وعلى النقيد من هذا التصور يؤسس الفيلسوف الوضعي "فتجنشتاين" تصورا مختلفا. فاذا كان ديكارت يربط معيار الحقيقة بالبداهة وكان ليبنز يربطه بالاستدلال والبرهنة المنطقية وكان كانط يربطه بمعيار كوني صوري مطابق لمبادئ العقل فان فتجنشتاين يربط معيار الحقيقة بما هو واقعي تجريبي فالافكار الحقيقية لاتكون كذلك الا اذا كانت معبرة عن الواقع وقابلة لاختبارها تجريبيا فلا وجود لتحقيقه خارج اطار الواقع والاختبار التجريبي. => في ذات السياق ينخرط الفيلسوف الالماني " كانط " الذي يبحث عن معيار كوني للحقيقة فأين يكمن هذا المعيار الكوني هل في ماهو مادي ام في ماهو صوري ؟ يرى كانط بأنه من غير الممكن ان يوجد معيار مادى كوني للحقيقة لأن هذا الامر سيكون متناقدا في حد ذاته وذلك بالنظر الى الواقع المادي المتغير والمختلف بإستمرار ومن ثم يمكن ان يكون هذا المعيار الكوني للحقيقة الا معيارا صوريا . آن ذاك تكون الحقيقة الصورية في مطابقتها للمعرفة ذاتها بغض النظر عن الموضوعات وعن الاختلاف بينها فالحقيقة الصورية ليست شيئا آخر سوى المعيار المنطقي والكوني التي تقوم على المطابقة بين المعرفة وذاتها.=> وعلى النقيد من هذا التصور يؤسس الفيلسوف الوضعي "فتجنشتاين" تصورا مختلفا. فاذا كان ديكارت يربط معيار الحقيقة بالبداهة وكان ليبنز يربطه بالاستدلال والبرهنة المنطقية وكان كانط يربطه بمعيار كوني صوري مطابق لمبادئ العقل فان فتجنشتاين يربط معيار الحقيقة بما هو واقعي تجريبي فالافكار الحقيقية لاتكون كذلك الا اذا كانت معبرة عن الواقع وقابلة لاختبارها تجريبيا فلا وجود لتحقيقه خارج اطار الواقع والاختبار التجريبي. => في ذات السياق ينخرط الفيلسوف الالماني " كانط " الذي يبحث عن معيار كوني للحقيقة فأين يكمن هذا المعيار الكوني هل في ماهو مادي ام في ماهو صوري ؟ يرى كانط بأنه من غير الممكن ان يوجد معيار مادى كوني للحقيقة لأن هذا الامر سيكون متناقدا في حد ذاته وذلك بالنظر الى الواقع المادي المتغير والمختلف بإستمرار ومن ثم يمكن ان يكون هذا المعيار الكوني للحقيقة الا معيارا صوريا . آن ذاك تكون الحقيقة الصورية في مطابقتها للمعرفة ذاتها بغض النظر عن الموضوعات وعن الاختلاف بينها فالحقيقة الصورية ليست شيئا آخر سوى المعيار المنطقي والكوني التي تقوم على المطابقة بين المعرفة وذاتها.=> وعلى النقيد من هذا التصور يؤسس الفيلسوف الوضعي "فتجنشتاين" تصورا مختلفا. فاذا كان ديكارت يربط معيار الحقيقة بالبداهة وكان ليبنز يربطه بالاستدلال والبرهنة المنطقية وكان كانط يربطه بمعيار كوني صوري مطابق لمبادئ العقل فان فتجنشتاين يربط معيار الحقيقة بما هو واقعي تجريبي فالافكار الحقيقية لاتكون كذلك الا اذا كانت معبرة عن الواقع وقابلة لاختبارها تجريبيا فلا وجود لتحقيقه خارج اطار الواقع والاختبار التجريبي. الحقيقة بوصفها قيمة: - اذا كانت الحقيقة هي الغاية التي يسعى اليها الانسان بحيث وضف جملة من الخطابات المعرفية لبلوغها . فبقي السؤال مطروحا ماهي قيمة الحقيقة ؟=> يؤسس "وليام جيمس" في تصوره لقيمة الحقيقة من خلال اعتبارها مرتبطة بالمنفعة فالحقيقي هو المفيد لفكرنا والصائب لسلوكنا . لقد اسس "وليام جيمس" تصوره هذا من خلال نقد الفلسفات الكلاسيكية المثالية منها والمادية فاذا كان الفلاسفة المثاليون يجعلون الحقيقة غاية في ذاتها تطلب لنفسها فان وليام يرى ان قيمة الحقيقة تمكن في اعتبارها مجرد وسيلة لتحقيق غايات اخرى تتمثل في المنفعة والمصلحة قد يتفق "وليام"مع الفلاسفة الماديين فاذا كان الفلاسفة الماديون يتجهون رأسا الى الواقع التام فان"وليام جيمس "يرى وجوب فحص هذا الواقع عبر تحليله والتفاعل معه من اجل استخلاص ماهو نافع لفكرنا ومفيد لسلوكنا هكذا اذن فالحقيقة حسب الفلسفة البراغماتية تكمن قيمتها في منفعتها. => يؤسس الفيلسوف "كيير كجار" تصوره حول قيمة الحقيقة من خلال اعتبارها غاية في ذاتها وهذا ما يجعلها تتحول إلى قيمة أخلاقية تسعى إلى بلوغ الفضيلة خارج أي منفعة. للبرهنة على تصوره يسوق "كيير كجار" مثال سقراط الذي ندب حياته للبحث عن الحقيقة في ذاتها.لقد جسد المشروع السقراطي دفاعا عن الحقيقة عبر مناهـضته للقول السوفسائي القائم على المنفعة بحيث يعتبر السوفسائيون الحقيقة هي حقيقة ذاتية نسبية ومتعددة انها ترتبط بالانسان الذي يشكل مقياس كل شيء.ان هذا التعدد يجعلنا امام ضياع للحقيقة وهذا مادفع سقراط الى تكريس مشروعه الفلسفي للدفاع عن الحقيقة في ذاتها فهي مطلب يطلب في ذاته و غاية يسعى الانسان إلى بلوغها خارج أي حساب للمردودية او المنفعة . بهذا تتحول الحقيقة إلى فضيلة كبرى تحمل بعدا اخلاقيا لايسعى الا إلى بلوغ الحقيقة في ذاتها. => ينخرط الفيلسوف الالماني "فدريك نتشه" ضمن هذا النقاش المتعلق بقيمة الحقيقة . فأسس تصوره حول قيمة الحقيقة اذ انها لا تعدو في اخر المطاف ان تكون مجرد أوهام. فالحقيقة هي جملة من الاستعارات والكنايات والمجازات اللغوية التي لاتعبر عن حقيقة الواقع فبكثرة استعمالها تحولت تلك الاستعارات الى حقيقة تحل محل الواقع. هكذا يؤسس "نتشه" تصوره للحقيقة بأعتبارها جملة من الاوهام نعتقد في انها حقيقة يستعملها العقل بوازع الدفاع عن استمرارية الحياة وبقاءها . III- مجزوءة السياسة 【♦ مجزوءة السياسة : الدولة ♦】
مشروعية الدولة وغاياتها : إن الحديث عن الدولة يدعونا بالضرورة إلى الحديث عن طبيعتها .فما هي طبيعة الدولة ومن أين تستمد مشروعيتها ؟ وما هي غاياتها ؟=> يؤسس " جون لوك " تصوره لاشكالية مشروعية الدولة من خلال اعتبار ان تلك المشروعية لاتستمد من أي سلطة خارجية كما قد يعتقد في نظرية الحق الالاهي التي ترى بأن مشروعية الحاكم تستمد من تفويض الاهي . ان مشروعية الدولة حسب جون لوك ومن خلال فلسفة العقد الاجتماعي ل " جون لوك + توماس هوبز + جون جاك روسو " تنظر الى ان مشروعية الدولة تستمد من حشد الناس اليها وذلك بدافع من ضرورة حماية من الناس وسلامتهم وحرياتهم وممتلكاتهم.وهكذا اذن تستمد الدولة مشروعيتها من حاجة داخلية اليها.=> ينخرط الفيلسوف الهولندي "سبينوزا" في هذا السجال المتعلق بمشروعية الدولة وغاياتها اذ يرى " ان الغاية القصوى من تأسيس الدولة ليست السيادة او ارهاب الناس ... فالغاية الحقيقية من قيم الدولة هي الحرية " نفهم من هذا الكلام ان الطبيعة الانسانية تتحدد بالحرية وعليه يتوجب على الدولة ان نجعل من غاياتها الحفاض على هذة الحرية وذلك بتطويرها وجعلها متلائمة مع مقتضيات العقل فالحرية التي يتحدث عنها " سبنوزا " ليست الحرية الطبيعية المطلقة العمياء والمتوحشة بل الحرية الاخلاقية التي لاتتعارض مع قوانين العقل والاخلاق فهذه هي الحرية التي تشكل غاية الدولة .=> ينظم الفيلسوف الالماني " هيجل " الى هذا الجدال حول طبيعة الدولة فيرى ان دور الدولة و وضيفتها لايتوقفان عن الحماية والامن كما لايجسدان فرض السيادة على العنف و القمع والاكراه بل ان وضيفة الدولة تتمثل في اشاعة القيم الروحية والمبادئ العقلية وهي قيم عليا ومبادئ سياسية بالنسبة للمجتمع وذالك حتى يتمكن الانسان من الشعور بإنسانيتها تبعا لهذا نجد "هيجل" ينظر للدولة كروح موضوعية انها روح الشعب التي يتشبع بها الفرد ويستمد منها اخلاقه وسلوكاته فالدولة اذن هي تعبير عن الاخلاق والارادة العامة والروح العامة للافراد وهي روح تشعر الانسان بخصوصيته وطبيعته الانسانية . طبيعة السلطة السياسية : ان الحدبت عن الدولة يدعونا الى التساؤل عن طبيعتها و عن طبيعة السلطة السياسية داختها.فما هي طبيعة السلطة السياسية؟ هل تستمد من السلطة التشريعية؟ ام التنفيدية؟.=> يندرج "جون لوك" ضمن فلاسفة العقد الاجتماعي شانه في ذلك شأن توماس هوبز ثم جون جاك روسو فقد بنا تصوره للدولة والسلطة والسياسة اعتمادا على مرورية العقد الاجتماعي .تنشأ الدولة حسب "جون لوك" انطلاقا من تعاقدات اجتماعية تعبر عن إرادة الأغلبية واذا كانت الدولة تنشأ عبر هذا التعاقب الاجتماعي الذي يتنازل فيه الافراد عن جزء من حريتهم وقسط من قوتهم لصالح الدولة التي تتمثل في حكومة شرعية تمارس السلطة السياسية.=> يندرج تصور "مونتسكيو" ضمن تصورات فلاسفة الانوار حول الدولة و السلطة السياسية.فاذا كانت الدولة هي الاطار القانوني للمجتمع المدني السياسي فعليها ان تحافض على توازن المجتمع من خلال الفصل بين السلط التي يختزنها" مونتسكيو" في ثلات انواع من السلط هي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية المتعلقة بحقوق الناس والسلطة التنفيذية المتعلقة بالحق المدني .فاذا كانت السلطة التشريعية تسهر على سن القوانين او التشريعات فان السلطة التنفيذية من وضيفتها السهر على احترام الحقوق والحريات وذلك وفق مبدأ سياسي يثمثل في الفصل بين السلط حتى لايتحول الحاكم الى مشروع وقاضي الى منفذ.فمتى اجتمعت هذه السلط في يد واحدة او هيئة واحدة كان مآلها الضياع وانقلبت الى استبداد .=> يندرج عالم الاجتماع الفرنسي "آلان تورين " ضمن التصور السسيولوجي المعاصر الذي ينتقد طبيعة السلطة السياسية اذ يعتبر ان مفهوم الديمقراطية لايقف عند مستوى الشعارات التي تخفي ورائها نظما سياسية كليانية تتسم بالشمولية والقمع والتسلط ومصادرة حقوق الناس والغاء حريتهم فالديموقراطية الحقيقية هي التي تتجرد من الشعارات الفضفاضة لتكرس سياستها لخدمة الحقوق الثقافية والمدنية والاجتماعية للمواطنين فالديموقراطية الحقيقية تنهض المبادئ التالية :- الاعتراف بالحقوق الاساسية التي ينبغي احترامها .- الاعتراف بالتمثيلية الشرعية والسياسية للمواطنين.- الاعتراف بحقوق المواطنة التي هي تعبير عن الحقوق الاجتماعية .بهذا فقط يمكن الحديث عن مفهوم صحيح للديموقراطية بعيدا عن السلطة السياسية الكليانية المتمثلة في الحزب الواحد والقائم على السطة المطلقة والاستبداد . الدولة بين الحق والعنف : تشتغل الدولة عبر عدة مؤسسات واجهزة لفرض السلطة والنظام العام بهدف الحفاظ على الامن والسلم والتعايش داخل المجتمع. لكن كيف تمارس الدولة سلطتها ؟ هل انطلاقا من الترهيب والتخويف . ام انطلاقا من العنف اللازم والضروري لبسط سيادة الدولة ؟ وهو مايسمى العنف المشروع ؟=> يندرج "ماكس فيبر" ضمن تصور السوسيولوجيا السياسية وهو تصور يسعى الى مقاربة اشكالية الدولة بين الحق والعنف .حيث ينطلق " فيبر" من مقولة ماركسية مفادها "كل دولة تنبني على القوة " فتبعا لهذا نجد الدولة تستمد سلطتها من القوة التي تمارسها بهدف بسط هيبتها وسيطرتها لاجل الحفاض على النظام العام والاستقرار الاجتماعي حيث تشكل هذة القوة حكرا على الدولة وهذا ما دفع " فيبر" الى ان ينعتها ب "العنف المشروع" فهو عنف تمارسه الدولة باسم القانون هكذا اذن تستمد الدولة سلطتها من القوة والعنف والتسلط الا انه عنف مشروع يمارس بأسم القانون.=> تنخرط الباحثة الفرنسية "جاكلين روس" في السجال المتعلق باشكالية الدولة بين الحق والعنف ، وفي هذا الاطار نجدها تميز بين نوعين من الدول : فهناك الدولة التقليدية وهناك الدولة العصرية.تتميز الدولة التقليدية بطبيعتها الاستبدادية ، فهي دولة مطلقة وشمولية تختزل كل السلط في يد واحدة وهذا ما يجعل منها دولة مستبدة تمارس العنف والقهر على مواطنيها الذين يتحولون الى مجرد رعايا ووسائل في خدمة الدولة .بخلاف هذا تتحدد الدولة العصرية بطبيعتها الديموقراطية فهي دولة الحق والقانون انها تستمد مشروعيتها من الحق والقانون وذالك من خلال الفصل بين السلط و عبر احترام مواطنيها باعتبارهم ذوات عاقلة وأخلاقية. ان دولة الحق والقانون تنظر للمواطن كغاية في ذاته وبهذا تتحول الدولة إلى وسيلة لخدمة المواطنين .=> ينتهي الفيلسوف الفرنسي " بول ريكور" في تصوره لاشكالية الدولة بين الحق والعنف الى اعتبار ان الدولة هي تركيب تاريخي وعقلاني انها تنطوي في ذاتها على مفاهيم العنف والقوة والسلطة ومفاهيم الحق والحرية والقانون فالدولة كمعطى تاريخي جسدت اشكال القهر والعنف والاستبداد وعبر هذه الوسائل ارسلت هياكلها غير ان الدولة لاتشكل فقط معطى تاريخي للقهر والعنف انها كذلك عقلاني تقوم بتربية المواطن تربية اساسها الحرية والحق والقانون فالدولة في هذا المستوى تنظر إلى المواطن ككائن عاقل قادر على استيعاب مبادئها المتمثلة في الحق والحرية القانون وعليه فالدولة حسب بول ريكور هي تركيب تاريخي وعقلاني ينطوي في ذاته على العنف والحق والقوة والقانون المتسلط والحرية .
- الحديث عن العنف بجرنا إلى التساؤل عن طبيعته في الإنسان و عن أشكاله في التاريخ الإنساني فاذا كان العنف هو شكل من الاستعمال السيئ للقوة وذلك بدوافع عدوانية تدميرية تسعى إلى إخضاع الآخرين.فما هي أشكال العنف؟ وهل العنف يرتبط بالطبيعة الإنسانية ؟ أم انه مجرد معطى مكتسب يرتبط بحيثيات وملابسات الظروف التي يحياها الإنسان.=> ينطلق الفيلسوف الألماني"اريك فروم " في تصوره لمفهوم العنف من خلال النظر إلى العنف كنزعة قومية تدميرية كامنة في الإنسان وتشتغل من خلال تفاعلها مع معطيات و ملابسات خارجية . فالعنف إذن يرتبط بالطبيعة الإنسانية من حيث هو رغبة في تدمير الآخر وتعطش للدماء وشغف بالتحطيم فالإنسان إذن من خلال طبيعته هو كائن عدواني.لقد ارتبط العنف بالإنسان منذ القدم فعبر عنه بأشكال ترتبط بممارسات وشعائر طقوسية تأخذ منحى دينيا تارة ومنحى سياسيا أو حربيا تارة أخرى هكذا إذن يرتبط العنف بالطبيعة الإنسانية باعتباره نزعة تدميرية.=> يؤسس" فرويد" تصوره حول إشكالية العنف انطلاقا من مرجعية التحليل النفسي بحيث يعتبر أن العنف سلوك طبيعي في الإنسان يعبر عن نزوعه العدواني الذي يأخذ شكلا فرضيا حينما يرتبط بغرائز الفرد العدوانية و هي غرائز ترتبط بالتهديد و الانهيار و التدمير كما أن العنف يأخذ شكلا جماعيا حينما يرتبط بالنزوع العدواني للجماعات أو الطوائف أو الشعوب التي تضطهد الآخرين بغزواتها و حروبها رغبة منها في السيطرة و الإخضاع. إذن حسب فرويد فالعنف نزوع عدواني عند الإنسان يعبر عن رغباته وغرائزه المتمثلة في حب التملك و السيطرة و تدمير الآخر.=> ينظم عالم الاجتماع الفرنسي" بودريار" الى الاشكال المتعلق باشكال العنف فيرى ان العنف متجدر في الطبيعة الإنسانية ، فهو قد يأخذ اشكال الحروب كالحرب العالمية الاولى او الثانية او الحرب الباردة غير انه يأخذ كذلك شكل الارهاب الذي هو تعبير عن نزوع لا اخلاقي وشرير يهدف الى تدمير الاخر غير ان هذا الشر قد يواجه بشر اعنف منه وذلك ضمن ثنائية انسانية ابدية هي ثنائية الخير والشر.وهكذا اذن يأخذ العنف منحى طبيعي لانه يرتبط بالطبيعة الانسانية.- نستشف مما سبق ان العنف في التاريخ يتخذ اشكالا متعددة وهي اشكال تعبر عن الطبيعة العدوانية للانسان ، فالعنف هو نزع تدميرية تعبر عن رغبة الانسان في السيطرة والسيادة والتهديد والتدمير انه كما يقور "فرويد" نزوع طبيعي عدواني في الانسان، هذا النزوع الذي قد يأخذ مظهرا فرديا او جماعيا حينما تحاول جماعة انسانية ابادة جماعة اخرى . العنف في التاريخ :- اذا كان العنف هو ذالك النزوع العدواني الطبيعي في الانسان والذي تقوده رغبة في تدمير الآخر ، فانه قد اخذ أشكالا متعددة في التاريخ . فكيف ارتبط العنف بالتاريخ الانساني ؟=> يؤسس الفيلسوف الانجليزي " توماس هوبز" تصوره حول اشكالية العنف في التاريخ انطلاقا من الوقوف عند طبيعة النفس الانسانية التي يعتبرها طبيعة شريرة مسكونة بالعنف والعدوان والأنانية لقد كانت الحالة الطبيعية للإنسان حالة مطبوعة بالصراع والنزاع والفوضى انها حالة تجسد " حرب الجميع ضد الجميع " .غير ان هذه الحالة لم تختفي تماما حينما انتقل الإنسان إلى الحالة المدنية السياسية التي اتسمت بظهور الدولة فبالرغم من وجود الدولة ظل الانسان يعيش حالة من العنف تتجلى بالاساس في نزوعه الدائم الى النزاع والصراع والحرب .نفهم من هذا ان العنف يسكن في التارخ البشري منذ الحالات البدائية الاولى للانسان الى الحالات الاكثر تحضرا.=> ينخرط الفرنسي "بيير فارنييه "ضمن هذا السجال المرتبط باشكالية العنف في التاريخ اذ يرى ان العنف متجدر في التاريخ فهو يتم عادة من اجل السيطرة والنفوذ وتدمير الاخر ومادام العنف يشكل حاجة انسانية فان الإنسان قد يسعى إلى تقنينه باسم الاخلاق وهكذا فكل الحروب التي عرفها التارخ الانساني تمت باسم الاخلاق ، بالرغم من ان الحرب في حد ذاتها هي فعل بشع لا اخلاقي .هكذا اذن يأخذ العنف مستوى من الشرعية والمصداقية حينما يتم باسم الاخلاق ودفاعا عنها اذن كل حرب هي ملزمة برفع شعار الاخلاق من اجل تبرير اهدافها ودوافعها.=> ينظم عالم الاجتماع البريطاني " انطوني جيدنز" الى هذا السجال حول طبيعة واشكال العنف في التاريخ ، فاذا كان" توماس هوبز" قد ربط العنف في التاريخ بالطبيعة الانسانية الشريرة التي تنزع دوما الى الصراع والحرب وكذا" بيير فارنييه " قد ربط العنف بالاخلاق فهو يمارس دائما باسم شعارات اخلاقية فان "جيدنز" يعتبر ان العنف مورس في التارخ باسم الشرف .وهكذا فمعظم النزاعات والصراعات بل والحروب تمت باسم الشرف وهذا ما جعل من المرأة في المجتمعات الابوية تشكل مصدرا للعار و هذا ما جعل منها موضوعا للعنف و مصدرا له في نفس الوقت.- استنادا إلى ما تقدم يمكننا ان نخلص الى القول بان العنف قد ارتبط بالتاريخ الانساني لانه يرتبط بالطبيعة الانسانية. وهكذا فقد تجسد العنف في التاريخ واخذ اشكالا تاخذ شكل النزاعات والصراعات والحروب يتم تقنيتها اجتماعيا اما باسم الاخلاق او باسم الشرف. العنف والمشروعية :- اذا كان العنف مرتبطا بالطبيعة الانسانية ومتجسدا في التاريخ الانساني بحيث اخذ عدة اشكال داخل هذا التاريخ . نتسائل كيف يتم العنف في التاريخ وبالتالي من اين يستمد مشروعيته؟=> تتحدد مصادر مشروعية السلطة حسب " ماكس فييبر " انطلاقا من ثلات مصادر يجملها في ما يلي : 1 السلطة التقليدية : وهي سلطة تستمد مشروعيتها من النمودج التقليدي الذي كان يشكل فيه الشيخ او الاب او الراشد سلطة يستمدها من السلطة المعنوية بحث تشكل سلوكاته وافعاله نمودجا يجب على القاصر احترامه والخضوع له . 2 السلطة الكارزمية : وهي سلطة تستمد مشروعيتها من تلك الصفة الكارزمية التي تميز الانبياء والمفكرين او القادة والساسة المتهمين.3 السلطة التمثيلية : وهي سلطة تستمد مشروعيتها من الانتخابات التي تفرز نخبا و منتخبا بطريقة ديموقراطية ولعل هذا الشكل من السلطة هي مايجب ان يطبع الدولة الحديثة اذن واعتبارا لهذا فمصادر السلطة حسب "ماكس فييبر" تتعدد ومن تم تتعدد مشروعيتها .=> يأخذ العنف حسب " جوليان فرويد" عدة اشكال فهو يراوح مكانه بين العنف والمشروعية وهذا ما يفهم من خلال الدولة التي تسعى الى الهيمنة والسلطة باستعمال ما يسميه "ماكس فييبر " العنف المشروع . تستعمل الدولة من اجل شرعنة العنف جملة من الوسائل المتمثلة في الاسرة والتربية والاقتصاد وكل ذلك يتم باسم الديموقراطية و القانون . فمن احداث التوازن في المجتمع تسعى الدولة الى عقلنة وشرعنة العنف وذلك باسم الديموقراطية والقانون .=> يبني السوسيولوجي الامريكي "رالف لنتون " تصوره حول العنف من خلال اشكالية العنف والمشروعية داخل المجتمع اذ يرى ان اساس العنف في المجتمع يرتبط بالمنازعات الاجتماعية التي يمكن ان تتخذ شكلا فرديا او شكلا جماعيا.الا ان العنف كمظهر من مظاهر العدوان في الانسان نجد المجتمع يرفضه بل يعمل نبذه عبر السخرية من ممارسه ومرتكبه .غير ان العنف الذي ياخذ شكل عراك او شجار عفوي يرفضه المجتمع .تتحول اداة العنف الى عنف مقبول اجتماعيا وذلك حينما يتحول الى عنف مقنن بجملة من القواعد تجعل منه عنفا مشروعا وهذا ما يتمثل في اشكال العنف التي يتبناها المجتمع كفرجة تخضع للتشجيع والتحفيز والتحميس...هكذا اذن يراوح العنف مكانه داخل المجتمع بين الرفض والقبول ، بين العشوائية والتقنين .- تأسيسا على ما سبق يمكننا ان نستشف بان العنف يتجدر في الطبيعة الانسانية ومن تم فهو مرتبط بالتاريخ الانساني غير ان العنف قد وجد في المجتمع اشكالا من القبول واخرى من الرفض الا ان ابرز شكل لممارسة العنف هو ذلك الذي تمارسه وتحتكره لنفسها باسم القانون والحفاظ على وحدة المجتمع وتماسكه .
الشخض والهوية:
- ماهي الأسس التي تقوم عليها النظريات العلمية؟ وبالتالي ماهي التحولات التي طالت العقل والعقلانية العلمية وأخيرا كيف تتحدد العقلانية العلمية بين المعرفة العلمية والكلاسيكية والمعرفة العلمية المعاصرة ؟ لقد شكل هذا السؤال متار جدل ابستيمولوجي بين الأطروحات و التصورات الابستيمولوجية المختلفة .=> ينطلق "جون بيير فرنار" من مسائلة طبيعة العقل وأصوله ، إذ يعتبره ظاهرة بشرية ومن ثم فهو خاضع في تطوره للشروط التاريخية، إن العقل إذن محايث بالتاريخ فهو لا يقع على هامش التاريخ بل هو مرتبط بالصيرورة التاريخية والتحولات التي تلحق مسار المعرفة العلمية .وفي هذا الإطار نجد "جون بيير فرنار"يحدد لنا طبيعة العقل بين العقلانية الكلاسيكية والعقلانية المعاصرة .تتحدد طبيعة العقل في العلم الكلاسيكي بإعتباره بنية قبلية ثابتة فهو إذن جوهر متعال مطبوع بالصرامة والثبات والانغلاق.ولعل هذا ما يمكن أن نلمسه في العقلانية الكلاسيكية التي كانت تنهض على مفاهيم مثل الثبات، الصرامة، الاطلاقية، والانغلاق.لقد اصبح العقل المعاصر يعبر عن الروح العلمية المعاصرة التي شكلت قطيعة ابستيمولوجية مع التقنيات والمطلقات الكلاسيكية.فالعقلانية المعاصرة أصبحت أكثر انفتاحا ومرونة ونسبية الشيء الذي جعل العقل المعاصر يتشبع بهذه الروح العلمية المعاصرة.=> في ذات السياق يندرج تصور المفكر "محمد أركون" ضمن سياق النقاش الابستيمولوجي المرتبط بتطور العقل وانتقاله من عقل كلاسيكي منغلق إلى عقل معاصر منفتح .يميز "اركون" داخل صيرورة العقل الغربي بين 3 مراحل وهي مرحلة القرون الوسطى والمرحلة الحديثة أو الكلاسيكية ثم المرحلة المعاصرة. ففي القرون الوسطى كان العقل الغربي لاهوتيا، إذ كان آباء الكنيسة يحتكرون المعرفة الفلسفية أو العلمية أو الدينية، وكانوا يطبعونها بطابع ديني لاهوتي يعبر عن تعاليم الكنيسة إلا أن العقل في الأزمنة الحديثة قد بدأ يتحرر من سلطة الكنيسة و رجال الدين . وهكذا عرف العقل تحولا في مساره وفي منطقه و أسسه وهذا ما مثله فلاسفة محدثون كديكارت و سبينوزا بحيث خلصوا العقل من طبيعته اللاهوتية. => في هذا السياق ينخرط " أولمو " الذي يميز بين أسس العقلانية الكلاسيكية والعقلانية المعاصرة فبالرغم من الشك الديكارتي والنقد الكانطي ظل العقل الكلاسيكي عقلا ثابتا مطلقا يقينيا لا ينمو ولا يتطور انه جوهر متعالي او بنية فكرية قبلية بخلاف ذلك عرف العقل في العقلانية المعاصرة تحولا في طبيعته جعله عقلا متطورا ديناميا نشيطا وفعالا انه عقل يعبر عن النشاط والفعالية المرتبطة بالممارسة الإنسانية.
- يحيلنا الحديث عن علمية النظريات العلمية الى التساءل عن معاييرها ؟ لقد شكل هذا السؤال متار جدل بين الأطروحات و التصورات المختلفة=> ينظم " اينشتاين" الى هذا السجال ويعتبر ان التجربة لا تشكل بمعناها الكلاسيكي أساس المعرفة العلمية بل تشكل عائق ابستملوجيا يحول دون بناء المعرفة العلمية وتقدمها، فالمعرفة العلمية المعاصرة أصبحت تقوم على مقدمات العمل الرياضي القائم على الاستنباط و الاستنتاج و التماسك المنطقي الرياضي بحيث تكون نتائج هذا النسق الرياضي متطابقة مع التجربة , يمكن أن نفهم ذلك من خلال المعرفة العلمية المعاصرة.=> ويقوم تصور "دوهيم" على ان النظرية لا تعتمد على معطيات التجربة وحدها فصدق وصلاحية النظرية العلمية يرتبط بكونها نسق القضايا الرياضية ويمكن إجمال هذه القضايا الرامية إلى مبادئ اعتماد الرموز الرياضية في: قياس الوقائع الفيزيائية ، وصياغة الرياضية ، واعتماد قواعد التحليل، والمقاربة بين المعطيات الرياضية مع الوقائع التجريبية.وان معيار صدق وصلاحية النظرية يتميز بعدم وجود تناقض بين الافتراضات والنتائج المستنبطة منها. وعليه فان الاتفاق مع التجربة هو الذي يشكل بالنسبة للنظرية الفيزيائية المعيار الوحيد للحقيقة.
الرأي والحقيقة:
معايير الحقيقة:
【♦ مجزوءة السياسة : العنف ♦】
أشكال العنف :
مجزءة الوضع البشري
: الشخص
- إن الحديث عن الوضع البشري يدعونا بالضرورة إلى الحديث عن الإنسان من حيث هو كيان يتحدد بالوعي والإحساس والشعور في هذا الإطار نتساءل كيف تتحدد هوية الشخص حسب التصورات الفلسفية المختلفة؟=> ينطلق"ديـكارت"من فكرة الإعلاء من شأن الذات الإنسانية بحيث بنا مشروعه الفلسفي حول فكرة الكوجيطو فالفكر أو الوعي هو أساس الوجود الإنساني . ومن ثم يمكن القول بان الشخص حسب ديكارت يتحدد بخاصية الوعي هذه التي تشكل مدخلا نحو تحديد هوية الإنسان واثبات وجوده بخلاف لهذا المنظور العقلاني ل" ديكارت"نجد الفيلسوف الانجليزي " جون لوك" ومن خلال الفلسفة التجريبية يؤسس منظور جديد حول هوية الإنسان ذلك أن الشخص لا يتحدد من خلال خاصية الوعي أو الفكر بل يتحدد من خلال خاصية الإحساس .=> بخلاف لهذا المنظور يرى "جون لوك"يرى بأن العقل لا يعدو أن يكون مجرد إطار فارغ ( فالعقل يولد عبارة عن صفحة بيضاء) تبعا لهذه القناعة يعتبر" جون لوك" بأن أساس هوية الشخص تتحدد من خلال الإحساس والتجربة وليس من خلال العقل والوعي,فالإحساس هو مدخل الشخص نحو الوعي بالذات والآخرين.=> في ذات السياق نجد الفيلسوف الشخصاني "مونيي " الذي ينظر إلى الشخص ليس كموضوع أو شيء من الأشياء بل هو بنية شعورية داخلية فالشخص يختلف عن الفرد إذ أن الفردانية تجعل الفرد ككائن مختلف متمركز حول ذاته أما الشخصانية فتجعل من الكائن البشري يخرج من تمركزه حول الذات إلى الانفتاح على العالم .إن الشخص حسب" مونيي " هو ذلك الواقع الكلي الشمولي انه بنية شعورية داخلية. وهكذا فالشخص هو الشيء الوحيد الذي نعرفه والذي نشكله من الداخل في الوقت نفسه فبقدر ما يكون الشخص قادرا في كل مكان فهو لا يوجد في أي مكان كما يقول "مونيي" .- كيف تتحدد قيمة الشخص؟ بعبارة أخرى كيف يمكن أن ننظر إلى الشخص كقيمة أخلاقية؟ لقد أثار هذا السؤال مجالا فلسفيا اختلفت في تناوله الخطابات الفلسفية من ثم نتساءل ما هي المقاربات الفلسفية التي تناولته؟ وما هي أسس النظر التي اعتمدتها في ذلك؟=> ينطلق الفيلسوف الأمريكي"راولز" في تحديده لقيمة الشخص من خلال عضويته في المجتمع وانفتاحه على الآخرين والتزامه بالقيم والمبادئ الأخلاقية العامة فالشخص إذن هو كائن حر تتحدد هويته بالحرية وتحديدا في المجتمعات الديمقراطية يعتبر المواطنون أشخاصا أحرارا متساوين في الحقوق والواجبات ولا يمكن أن نميز بعضنا البعض إلا من خلال مهاراتهم وكفاءاتهم .إن الشخص إذن حسب" راولز " لا تتحدد قيمته إلا من خلال النظر إليه ككائن أخلاقي حسا بالعدالة وشعورا بالخير يدفعه إلى المساهمة في بناء عادل وخير أساسه التعاون الاجتماعي.=> في ذات السياق أسس الفيلسوف الألماني " كانط " تصوره لإشكالية الشخص بوصفه قيمة فإذا كان الإنسان ظاهرة من الظواهر الطبيعية وشيئا من أشيائها فان هذا الإنسان يسمو عن باقي الموجودات بالعقل وتحديدا بالعقل العملي الأخلاقي . إن البطاقة الشخصية الأخلاقية عند الإنسان تتحدد أساسا بشرط امتلاكه للعقل العملي الأخلاقي هذا الذي يشكل مقدمة نحو ولوج الإنسان عالم ومملكة الأخلاق وحيث الواجب والفضيلة والكرامة. إن امتلاك الإنسان للعقل العملي الأخلاقي يجعله يرغم باقي الذوات العاقلة الأخرى على احترامه وذلك بالنظر اليه كغاية في ذاته لا كوسيلة . => ينخرط الفيلسوف الألماني "هيجل" في نقاش هذه الإشكالية إذ يعتبر أن قيمة الشخص تتمثل في التزامه بالسلوك الأخلاقي وامتثاله للقانون المتمثل في الواجب وبكلمة واحدة فان قيمة الشخص الأخلاقية تتحدد في تمثله وامتثاله لروح الشعب أي الأخلاق العامة مما يؤدي به إلى السمو إلى مرتبه أعلى تتمثل في الوعي بالذات كذات حرة منفتحة على الواقع والآخرين و المساهمة في بناء العلاقات الاجتماعية على قاعدة جدلية أساسها التأثر و التأثير.- تبعا لما سبق يمكن أن نخلص إلى القول بأن مفهوم الشخص باعتباره قيمه أخلاقية قد شكل إشكالية فلسفية معقدة. الشخض بين الضرورة والحرية:- يشكل مفهوم الشخص مفهوما معقدا استأثر باهتمام الخطابات الفلسفية المختلفة ويتجلى طابعه الإشكالي في بعض المفارقات التي ينطوي عليها و التي يمكن صياغتها في الشكل الاستفهامي التالي كيف يتحدد موقع الشخص بين مقولتي الضرورة والحرية؟ بعبارة أخرى هل الشخص حر في بناء شخصيته واختيار سلوكا ته وتوجهاته أم انه خاضع في ذلك لجملة من الحتميات؟=> يرى المحلل النفساني "فرويد"بأن الشخص ليس حرا في بناء شخصيته واختيار سلوكاته وميولاته لان ذلك يتحدد وفق حتميات بيولوجية وسيكولوجية من قبيل حتمية اللاشعور وحتمية الصراع النفسي فالا شعور إذن هو ذلك المحدد الخفي الذي يوجه سلوكاتنا ورغباتنا و ميولاتنا كما ان شخصية الإنسان تتحدد من خلال حصيلة حتمية الصراع النفسي بين مكونات الجهاز النفسي هكذا إذن وحسب منظور العلوم الإنسانية نجد الإنسان غير قادر على بلورة سلوكاته وتوجهاته وميولاته خارج سياق الحتميات السيكولوجية إذن فالشخص ليس حرا.=> خلافا لهذا المنظور نجد الفلاسفة يقرون بحرية الشخص وان كانت تتفاوت درجاتها تتفاوت بين النسبي والمطلق فهذا الفيلسوف الفرنسي " سبينوزا"يرى بأن الشخص يظل يراوح مكانه بين مملكة الضرورة ومملكة الحرية إذ يعتقد انه حر في رغباته والحقيقة انه ليس كذالك لأنه ليس هناك حرية خارج الضرورة الطبيعية فالرغبة هي حرية وإرادة من جهة وحاجة وضرورة من جهة أخرى.=> في ذات السياق ينخرط الفيلسوف الفرنسي "مونيي" الذي يرى بأن قيمة الشخص تتحدد من خلال عضويته وانتسابه للمجتمع لكن هل خضوع الشخص للمجتمع نفي لحريته . يرى "مونيي"أن الشخص هو بالتعريف كيان حر وانتمائه للمجتمع لا يجب أن يلغي ويصادر حريته.فمن واجب المجتمع أن يصون حرية الأفراد وان يرقى بها وان يحترم ميولاتهم و خياراتهم لان الشخص هو الذي يقرر مصيره بنفسه.- اعتبارا لما سبق يمكننا أن نخلص إلى القول بأن إشكالية الشخص بين الضرورة والحرية من الإشكالات التي شغلت بال الفلاسفة وعلماء الإنسان لان الشخص في ذاته يظل يشكل موضوعا غامضا ومستعصيا يتوجب بذل المزيد من المجهودات لفهمه. 【♦ مجزءة الوضع البشري : الـغيــر ♦】- يشكل مفهوم الغير مفهوما حديثا في الفلسفة وان كان حاضرا ضمن الفلسفات القديمة.من بين الإشكالات التي يثيرها مفهوم الغير تلك التي ترتبط بإشكالية وجود الغير فكيف يتحدد إذن وجود الغير؟لقد اختلفت التصورات الفلسفية في إجابتها عن هذه الإشكالية=> فنجد الفيلسوف" ميرلوبونتي" ينظر إلى وجود الغير كوجود مزدوج,فهو وجود في ذاته ووجود لذاته.ذلك إن الغير يتبدى للأنا كمعطى امبريقي انه شيء من الأشياء بحيث ان أول ما يدرك في الغير هو صورة جسده من ثم فهو مجرد موضوع من المواضيع الطبيعية.لكن الغير ليس فقط شيئا من الأشياء بل هو ذات واعية مقابلة لذاتي.وعليه فالغير من حيث هو وجود امبريقي يكون موجودا في ذاته ومن حيث هو ذات واعية يكون موجودا لذاته.=> وفي نفس السياق ينخرط الفيلسوف"جون بول سارتر" الذي ينظر إلى وجود الغير كوجود سلبي ووجود ايجابي فهو سلبي لأنه يحد من حرية الأنا وهو وجود ايجابي لأنه سبب من خلاله يمكن للانا إدراك وجوده هكذا إذن يتحول الغير إلى ذلك الوجود الذي من خلاله يتسنى للأنا إثبات وجوده.=> وينضم إلى هذا النقاش الفيلسوف"هورسل" الذي يعتبر بأن وجود الغير هو وجود مزدوج انه ذات او موضوع.فهو شيء من الأشياء وهو ذات واعية تدرك العالم وتوجد في العالم .فالغير إذن يتحدد وجوديا من حيث انه تجربة انفتح عليها وتفاعل معها وأثر وتأثر بها إنها تجربه الآخرين أو بعبارة اخري هو تجربة الإنسان في العالم.- تأسيسا على م اسبق يمكننا أن نخلص إلى القول بأن مفهوم الغير من الناحية الوجودية قد أثار العديد من التساؤلات والاستفهامات الشيء الذي ينم عن خصوبته وعن طبيعته الاشكالية.